مذكرات كافر مغربي -الجزء الاول-

The memoirs of a Moroccan kaafir concealed the situation full of humanity and comedy in the spirit of Hisham

مذكرات كافر مغربي -الجزء الاول-

عنوان أخفى الحالة المفعمة بالإنسانية والكوميديا والدراما في روح هشام الذي مر من ثلاث عوالم كبيرة .. حي المرجة الشديد الفقر والإجرام والتلوث بمدينة القنيطرة ثم مسجد للجهاديين في ألمانيا وأخيرا استقراره بعد انتقالات مضنية في منزل مشترك مع إسلاميي العدل والإحسان وزواج مصلحة أول انتهى عند لحظة الزواج الثاني في الحب الأول .. لم يتحدث كثيرا عن فكره ومواقفه من نقد الأديان إلا بقدر ما احتاجت القصة لذلك ..

هو الكتاب الثاني الذي أقرؤه بالدارجة المغربية بعد العمل الرائع لعبد اللطيف اكنوش حول السيرة السياسية لنبي الإسلام ، وهذا العمل يؤكد بخطوة أخرى أن للدارجة مكانا في المستقبل ..

تحدث هشام عن حيه الذي نشأ فيه، حي المرجة الفقير والملوث والمكتظ بكل صنوف الجريمة، يعكس ذلك تقديم سعيد ناشيد في غلاف الكتاب ذلك بلفظة " القعر " على طول تقديمه. لكن ذلك القعر هو تعبير عن حالة جد فقيرة ومهمشة من المجتمع أو عن عموم المجتمع وقتها في المغرب؟ أعتقد أن هشام قاسمنا قصصا عاشها أغلب شباب تلك الحقبة في عموم المغرب ..

تحدث هشام عن الجنس بجرأة ..حديث مستساغ باستعمال الاستعارات اللفظية الساخرة ، بثلاث مشاهد جنسية اكتمل بها تشخيص و"علاج" المشكلة الجنسية المغربية، بدأها بكونها متنفسا أو مهربا مؤقتا من الواقع المؤلم (مشهد الاستمناء الجماعي للأطفال) ثم كونها طبيعة نؤدي غرامات كبيرة جراء نكرانها (مشهدي فضيحة إسلامي يمارس العادة السرية رغم تحريمها بينهم.. وآخر تعرض لصدمة نفسية بعد تزامن ممارسته للعادة السرية لعودة اصدقائه للمنزل..ومن هول الصدمة لم يستطع فتح الباب! ) وآخر مشهد جنسي لما اصطدم البطل بفقر ثقافته الجنسية مع زوجته الأولى، وكيف ساعدته في تخطي الفرق وبقي مدينا لها بذلك كما ذكر في آخر المشهد .

أكثر القصص لفتت انتباهي هي أن هشام كان جهاديا شد الرحال بالفعل من أجل القتال في ساحة البوسنة ، غير أن الحظ ظل مرافقه عند اعتاب الموت المحقق، من حظه أن وصل وقت عقد اتفاق سلام بين البوسنة والصرب، مما اضطر الجهاديين العرب للمغادرة، هنا يسجل هشام معلومات كبيرة وقوية في تحليل الباحثين حول الظاهرة الجهادية، اصطدم الجهادي التواق للقتال بفرق كبير بين الواقع والصورة الاعلامية للجهاديين في ساحات القتال.

في أشرطة الفيديو الجهادية كان يظهر قادة الحرب الجهاديين كأنهم يقودون الجبهة ويحاربون الصرب من أهم المواقع، لكن حين وصل تألم من الفرق، من حقيقة أن الجهاديين لا يتجاوزون المائة ، ويحاربون في هامش الهامش ، ويُقتلون بسهولة لضعفهم تكوينهم القتالي، الصورة السخيفة للجهاد في البوسنة ملأت رأس هشام بأفكار حول ضرورة العودة ، لم يجرؤ على مصارحة قائده المصري بذلك واستغنى عن ذلك بعد أن عاد الجميع من البوسنة وتركوا باقي الجهاديين المصرين على فتح أوروبا لمصيرهم المأساوي !

أسلوب كتابة المذكرات أسرع كثيرا من قيمة كل حدث ، ربما لأني مصاب بداء المؤلفات الثقيلة.. لكن القصص كبيرة فعلا تأثرت بالاختصارات السريعة ، ربما هي فلسفته في الحياة عموما أو هو يلبي حاجة الشباب للقراءة السريعة ..

لفت ذهني إبداع هشام لمفردات وتعابير بالدارجة، لتخفيف ألم المشاهد او تخفيف احراج المشاهد الجنسية دون افراغها من اهميتها ، ولا يمكن أن اتجاهل ابداعاته في السخرية..

تمنيت لو لم يهن زوجته الأولى ويقدمها ب"الميمة" وفاء لما قدمته وأيضا انسجاما مع الصورة الجميلة التي قدمها لنا عنها، ولو أنه امتن لها في الكثير مما قدمته له ..

استفدت من أفكار هشام حول الفرق بين المسيحية والاسلام وكيف أنه سقط مثلا في الهوة الفكرية والمعرفية في مناظراته مع الطلبة المسيحيين.

كل ماقدمتُه لا يعكس روعة الكتاب ..قراءات اخرى ربما تكون أدق وأغنى . ادعوكم لقراءته ..